مقالات ودراسات

إبراهيم طه.. يكتب: من الجرارات إلى الكوادر.. أسرار نهضة السكك الحديدية

من الجرارات إلى الكوادر.. أسرار نهضة السكك الحديدية

في قلب مصر، حيث تتهادى خطوط السكك الحديدية كخيوط فضية تصل بين القرى والمدن، كانت هناك قصة نهضة تُحكى.. قصة بدأت بخطة استراتيجية طموحة وضعتها وزارة النقل، تقوم على خمسة ثوابت أساسية كأعمدة راسخة: الوحدات المتحركة، والبنية الأساسية، ونظم الإشارات، والورش الإنتاجية، وتنمية العنصر البشري.. أذن نحن أمام خطة عمل تهدف إلى رفع طاقة نقل الركاب والبضائع، وزيادة معدلات الأمان، وتقليل الانبعاثات الكربونية التي تتركها الشاحنات كظلال للبيئة.

رحلة استعادة العافية

للعلم، انطلقت أولى بشائر التحول مع وصول 210 جرار جديد من شركة GE، لتنضم إلى الأسطول، بينما استعاد 101 جرار آخر عافيته بعد إعادة تأهيله.. ولم تكن الرحلة تقتصر على القوة فحسب، بل امتدت إلى الرفاهية مع دخول ست قطارات فاخرة من شركة تالجو الإسبانية الخدمة.

كما انضم إلى الأسطول أكثر من ألف عربة ركاب جديدة، بينما استعادت أكثر من 1400 عربة ركاب من طراز تحيا مصر شبابها، وكأنها أخذت نفساً جديداً.. ولم تغفل الخطة عن البضائع، فتم توريد 609 عربة بضائع وإعادة تأهيل 5000 عربة أخرى، بينما تستعد سبع قطارات نوم فاخرة للانضمام إلى الأسطول، مع إعادة تأهيل 120 عربة نوم حالياً.

ذاكرة الأماكن

وفي عالم البنية الأساسية، كانت المعجزة أشبه بتجديد شرايين الوطن.. حيث تم تطوير 364 محطة من إجمالي 708 محطة، كأنما نُفض الغبار عن ذاكرة الأماكن.. وبرزت محطة قطارات صعيد مصر في بشتيل كفكرة عبقرية لتخفيف عبء محطة رمسيس العتيقة.

ولم تكن الخطوط الجديدة أقل إبهاراً، فظهر خط كفر داود – السادات، وخطوط الفردان – بئر العبد، والروبيكي – العاشر من رمضان – بلبيس، كخيوط جديدة في نسيج الوصل.

كما تم ربط ميناء جرجوب بخط سكة حديد سملا – السلوم، وكأننا نربط الموانئ بالقلب النابض للبلاد.. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تم تطوير 1634 كيلومتراً من المسارات، وتجديد 841 مزلقاناً، بينما انتشرت البوابات الإلكترونية ونظم الحجز والدفع في خمس محطات رئيسية كعلامات على عصر رقمي جديد.

نقلة تاريخية

أما نظم الإشارات والتحكم، فشهدت نقلة تاريخية من الميكانيكي إلى الإلكتروني، كالانتقال من الحبر إلى الضوء.. وهدفت هذه النقلة إلى زيادة السلامة وعدد الرحلات وتقليل زمن الرحلة، وكأن الوقت أصبح جوهراً ثميناً. وتم تطوير 2000 كيلومتر من الخطوط الرئيسية، بينما زُود 953 كيلومتراً بنظام التحكم الآلي الحديث 1ETCS-L، كعيون إلكترونية تراقب كل حركة.

وفي عالم الورش الإنتاجية، كانت هناك صحوة كبرى.. وتم تطوير 33 ورشة رئيسية وإنشاء 10 ورش جديدة، بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة، كأننا نبني معاقل للإبداع والصيانة، لضمان أن تظل الوحدات المتحركة في قمة أدائها.

ولم تكن الآلات وحدها من حظي بالاهتمام، فالعنصر البشري كان الركيزة الأساسية.. وتم تدريب وتعيين 550 مهندساً و3350 فنياً وتكنولوجياً، كأبطال جدد يحملون شعلة المستقبل.

تطور واستدامة

كما تم تطوير المعهد العالي لتكنولوجيا النقل لتحويل المدرسة الثانوية الصناعية بوردان إلى مؤسسة تعليمية متخصصة، وكأننا نزرع بذور المعرفة في تربة خصبة.. وبالمناسبة انطلقت هذه الكوادر للعمل في مختلف مشاريع السكك الحديدية، بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في مصر، كسفراء للجودة والابتكار.

يا سادة.. هذه ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي قصة تحول تُروى بإيقاع التقدم لتصبح القطارات أكثر من وسيلة نقل، بل شريان حياة يربط أجزاء الوطن في نسيج واحد من التطور والاستدامة.. ولان سلامتك تهمنا سيدي المواطن وهي خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه، فأطمئن، ولكن دورك إيجابي وليس تكميلياً بل هو جوهري ضد السلوكيات السلبية التي يرتكبها البعض من مستخدمي الطرق المصرية ووسائل النقل والمواصلات العامة، والتي تتسبب في تعريض حياة المواطنين للخطر وإزهاق الأرواح.. فهل من مجيب؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »