الدكتور حماد عبدالله يكتب : يوم حزين فى حياتي

فى مثل هذا اليوم وبالتحديد فى 28 إبريل 2021 والموافق 16 من رمضان ، وكانت رفيقة عمرى تعاني فى إحدى مستشفيات المعادى والتى كانت معدة لإستقبال حالات (الكورونا) ، وكان الأمل لدي ولدى بناتي عظيماً ان تعود إلى بيتنا ، بعد تناول الكورس الذى أقره الأطباء الذين سارعوا لمساعدتنا .
ولكن وقبل الإفطار جائنا خبر رحيلها وكأن القدر خطط ورسم لنا ولها نهاية عمر ، فى وقت وزمن لم يطل ولم يعطنا حتى فرصة لكي نستقبل هذا الخبر ، لقد تم إختطافها بالفعل ورغم أن الجو العام فى ظل إنتشار هذا الوباء ، وكنت أتابع ما يحدث فى “مصر” وفى العالم وفى “إيطاليا” والتى تبوأت المركز الأول فى العالم بعد الصين (منبع المرض) ، كثافة الراحلين وإنهيار المنظومة الطبية لعدم تحملها الأعداد المصابة .
إن حالة الرعب الشديدة التى إجتاحت الكرة الأرضية كنت متابعاً لها ، ولكن لم أشعر إطلاقاً بأننى سأصاب إصابة مباشرة مثلما حدث فى هذا اليوم الأسود.
جائني الخبر ونحن فى إنتظار مدفع الإفطار ، وكأن الدنيا إتغيرت ، إلتففن حولى بناتي “داليا وباسنت وياسمين ومزاهر” وشريط من الذكريات من الزمن العميق منذ 1958 حينما شاهدتها أول مرة ، حيث جئنا من منطقة منيل الروضة إلى الجيزة فى البحر الأعظم لنسكن بيتاً جديداً وإذ بفتاة ذات عشر سنوات تقف فى حديقة المنزل .
وهذا المنزل ملكهم ونحن المستأجرين ، ولا يوجد سوى الأسرتين فى هذا البيت الذى أحببته لموقعه وقربه من النيل.
وكنت فى الثالثة عشر من عمرى ولم تفارقنى صورتها فى الذاكرة حتى اليوم لهذه الطفلة التى تعلقت بها ودارت الأيام والشهور والسنوات وكبرنا فى هذا البيت جيران وأصدقاء ثم أحباء
وكانت كليتي الفنون التطبيقية وهى الفنون الجميلة بفارق عامين أو ثلاث ثم إنضمامي للخدمة العسكرية ، وأتذكر حين عودتى للبيت من الجبهة أجد قلباً منتظراً بلهفة أجدها فى عيونها وفى فرحها، وكأن الفرح يدب فى أرجاء البيت كلما عدت من أجازاتى القصيرة من الجبهة.
هكذا كان يقال لى من أخوتي ، البيت حزين وأنا بعيد وهى كانت الشعلة والفرحة فى أرجاء البيت
وسافرت إلى إيطاليا بعد إنهاء الخدمة العسكرية والنصر ، وعدت بعد عام وكانت خطيبتي وحبيبتى وخاتم زواجى , وعدت تاركاً لها لإنهاء العالم الدراسي الأخير , لكى تأتي إلى “روما” ويتم زواجنا .
قصة حب رائعه عشتها مع رفيقه عمري قضينا معاً أوقات السعادة والشقاء والدراسة في الأكاديمية الإيطالية وكانت تصاحبني وتساندني فيما أقدم من مشروعات بحثية وكانت أيضاً بجانبي في عملي سواء كنت ( كاميريرا ) أي جرسون في مطعم أو شريكاً في مطعم مع صديق عمري المرحوم “سعيد الوتيرى” ورزقنا الله بإبنتى الأولى “داليا” في 1 نوفمبر 1975 ، وعدت إلى القاهرة في 1976 بعد حصولى على الدرجة العلمية التي سعيت إليها لكى تبدء حياتنا في “القاهرة” ,متلازمين في كل شيء ورزقنا الله ببناتنا وحتى مساء ذلك اليوم تلقيت خبر رحيلها.
كل هذا الشريط دار في عيني وعقلي , وودعتها وداعاً لا يليق أبداً بها لظروف الوباء اللعين صلاه جنازة في الشارع وأمام المسجد وعزاء فرادى ,وعن بعد !!, ولكن ظلت “عواطف” في قلوبنا وقلوب محبيها وأصدقائنا ,ذكرى جميلة لإنسانه طيبه “رحمها الله رحمه واسعه “.
Hammad_acdc@yahoo.com