م .عباس محمود يكتب :حكاية مكتب رفيق الحرب – الذي اصبح وزيرا للطيران

فى منتصف الثمانينات كانت علاقتى توطدت بالعديد من رفقاء حرب الاستنزاف ، و التي شهدت قوة و معدن و صلابة الجندي المصري ورفقاء السلاح ، وبعد انتهاء الحرب ، كانت شركة المقاولات التي امتلكها في ذلك الوقت تقوم بالعديد من الاعمال في قطاعات البنية التحتيه .
و في احدي تنفيذ مشروعات البنية التحتيه التي كنت اقوم بها تحت قيادة اللواء/ ابراهيم مناع “وزير الطيران المدنى فيما بعد” وكان دائماً يخبرنى بأنه يعتبرنى واحد من الضباط العاملين معه وكانت معاملته لى كأخ أصغر.
و كنت مسئولاً عن أحد هذه الاعمال بمحافظة الشرقية و عند بدء العمل وأثناء تواجدى بمكتب قائد السرية بهذه لاحظت أن مكتبه فى حالة سيئة جداً ولا يليق بهذا المنصب فأقترحت عليه أن أقوم بإهداء السرية مكتب جديد يليق بالمكان و قوبل هذا الاقتراح برفض شديد ولكنى أخذت أقنعه أن هذا المكتب ليس هدية شخصية و أننى اعتبر نفسى زميل لهم و أن من حقه الرفض إذا كان هذا المكتب سيستخدم له بصفة شخصية، و بعد نقاش طويل دام أكثر من ساعتين تمكنت من اقناعه بوجهة نظرى.
و فى اليوم التالى قمت بإحضار المكتب الجديد مع الاحتفاظ بالمكتب القديم فى مكان خلفى حيث أنه عهدة أميرية و نسيت الموضوع تماماً.
و بعد مرو حوالى أسبوع تقريباً أخبرنى العاملون معى بأن اللواء ابراهيم حضر إلى لتفقد الأعمال و أنه موجود حالياً فى سرية المهندسين فتوجهت مباشرة لإستقباله وعند دخولى إلى مكتب قائد السرية فوجئت به ينظر إلى نظرات نارية و يشير إلى بسبابته و يقول بصوت جاهورى “يعنى ما تجيش إلا منك” فتجمدت فى مكانى و أنا لا أعلم ماذا يقصد و أخذت أفكارى ما هو الخطأ الذى حدث أو التقصير من ناحيتنا و سألت و أفكارى مشتتة بحثاً عن الخطأ الجسيم الذى جعله ينفعل بهذا الشكل وسألته بصوت يكاد يخرج بصعوبة فى هذا الموقف “أنا عملت إيه يافندم” فأجابنى وهو يشير إلى المكتب الجديد “مين إللى جاب ده” وهنا تنفست الصعداء كما يقولون وأجابته “أنا يافندم” فأشار إلى قائد السرية موبخاً “و أنت إزاى تقبل ده” فطلبت منه أن يسمعنى لمدة لا تزيد عن خمس دقائق و إذا رأى أننى تصرفت تصرف خاطيء فمن حقه و بدون أى تعليق منى أن يلغى جميع التعاقدات معى بل ويصدر أمر بمنعى من التعامل مع كل الجهات المعنية، وبالفعل قال لى “أتفضل أتكلم و انا ها أسمعك” و بدأت أتحدث إليه و أشرح لسيادته كيف كانت معارضة قائد السرية لهذا التصرف و كيف أقنعته انطلاقاً مما كان سيادته يخبرنى به بأننى فرد من أفراد الفرع الهندسى الذين يعملون تحت قيادته – هذه واحدة – و الثانية – أنه يكون محق فى غضبه إذا كانت هذه هدية شخصية و لكنه نوع من غيرتى على المكان و حبى وانتمائى له فقط و هما الدافع لتصرفى هذا و أن هذا ما تعودنا عليه أنه لا فرق بين مدنى وعسكرى فى اداء الواجب منذ أن كنا كتفاً بكتف أثناء حرب الاستنزاف و أن لسيادته الحق فى اتخاذ القرار المناسب بعد أن شرحت له الموقف، و عاتبنى قائلاً – بعد أن خفت حدة التوتر – “بس كان لازم تستأذنى فى الأول” و عقبت عليه قائلاً “سيادتك معك حق فى دى بس أنا كنت مشغول فى الموقع علشان نلحق نخلص إللى و رانا”.