د.م. أحمد الزلاط يكتب : هنا سيناء… بالبناء والرؤية .. السيسي يعيد كتابة تاريخ الأرض

ما تشهده سيناء اليوم لا يمثل مشروعات متفرقة أو جهودًا عمرانية محدودة، بل يعكس تحولًا استراتيجيًا شاملًا يرسم ملامح مصر الحديثة حتى عام 2030 وما بعدها، ويجعل سيناء ركيزة من ركائز الأمن القومي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تخوض في سيناء معركة بناء مساوية في أهميتها لمعركة التحرير، سيناء لم تعد مجرد “منطقة حدودية”، بل أصبحت “امتدادًا حيًا للجمهورية الجديدة بأكملها”.
فالدولة المصرية أنهت عقودًا طويلة من العزلة المفروضة على سيناء، عبر إنشاء أضخم منظومة أنفاق في الشرق الأوسط.
فحين تعبر سيناء في سبع دقائق عبر أنفاق تحيا مصر أو جنوب بورسعيد أو نفق الشهيد أحمد حمدي 2، فأنت لا تنتقل جغرافيًا فقط… بل تنتقل إلى فلسفة دولة قررت ألّا تُترك سيناء يومًا خارج حساباتها.”
هذه الأنفاق الثلاثية – الإسماعيلية، جنوب بورسعيد، وأحمد حمدي 2 – بتكلفة تتجاوز 27 مليار جنيه، تمثل ربطًا وجوديًا بين قلب الدولة وعمقها الشرقي. ربطٌ غير مسبوق في التاريخ الحديث
مدن جديدة تولد في قلب الصحراء… عمران يغيّر معادلات الواقع
مصر تبني في سيناء ما يوازى إنشاء “دولة جديدة ، مدن كاملة تنشأ من الصفر، أبرزها:
*مدينة سلام مصر – شرق بورسعيد ، مدينة مليونية على مساحة 25 ألف فدان، تمثل بوابة اقتصادية على البحر المتوسط.
*رفح الجديدة:
10 آلاف وحدة سكنية، 400 منزل بدوي، منشآت تعليمية وخدمية، تمثل أكبر مشروع تعويض وتنمية في تاريخ شمال سيناء.
*الإسماعيلية الجديدة:
مدينة نموذجية بطاقة استيعابية 300 ألف نسمة.
الدولة أنجزت أكثر من 120 ألف وحدة سكنية في سيناء خلال عشر سنوات، بتكلفة تقارب 20 مليار جنيه، ما خلق انتشارًا عمرانيًا يحمي الأرض ويعزز الأمن الاجتماعي ، سيناء اليوم لا يتم تطويرها… بل يتم تأسيس حياة مكتملة فيها.”
سيناء الصناعية… من صحراء إلى مركز إنتاج وتصدير
الدولة لم تكتف بالعمران، بل وضعت أساسًا اقتصاديًا ضخمًا يجعل سيناء أحد أهم مراكز الصناعة في الشرق الأوسط. أبرز هذه المناطق:
*المنطقة الصناعية بوسط سيناء علي مساحة 78 مليون متر² بها صناعات: رخام، أسمنت، كيماويات، مواد بناء باستثمارات تتجاوز: 7 مليارات جنيه.
*منطقة شرق بورسعيد الصناعية – محور قناة السويس علي مساحة: 63 كم² ، باستثمارات 18 مليار دولار، منظومة صناعية متكاملة على خط الملاحة العالمي ، مجمعات الرخام في الجفجافة ، إنتاج ضخم للتصدير ودعم المشروعات القومية.
سيناء تتحول لأول مرة من منطقة تعتمد على الخدمات والقبائل إلى اقتصاد قائم على الصناعة والتصدير… وهذه نقلة تاريخية حقيقية.
بنية تحتية تعيد تشكيل شبه الجزيرة بالكامل
الدولة نفذت أكبر عملية تجهيز للأرض السيناوية منذ تحريرها، شملت إنشاء أكثر من 3200 كم طرق جديدة ، تشغيل محطة بحر البقر – الأكبر عالميًا بطاقة 5.6 مليون م³/يوم
، محطات تحلية في العريش – رفح – دهب – نويبع ، ربط سيناء بالكهرباء من خلال شبكة موحدة للمرة الأولى ، هذه البنية التحتية ليست مجرد مشروعات… إنها إعلان بأن سيناء ستصبح قادرة على استيعاب ملايين البشر وفرص الاستثمار خلال العقد القادم.
الأمن… القاعدة الصلبة التي قامت عليها التنمية
إن معركة الأمن في سيناء كانت الأساس الذي مهّد لكل ما نراه اليوم، فلا توجد تنمية بلا أمن، ولا أمن بلا تنمية… والدولة المصرية نجحت في المعادلتين ، سيناء أصبحت اليوم آمنة بنسبة تتجاوز 95% بعد سنوات طويلة من المواجهة الشرسة، وأن الانتشار العمراني والصناعي والسكني يلعب دورًا تكميليًا في حماية الأرض ومنع أي فراغ يمكن أن يستغله الإرهاب.
»» المكاسب الاقتصادية… رافعة جديدة للناتج المحلي ولمكانة مصر الإقليمية
ما يحدث هو “اقتصاد وطني يولد من جديد في الشرق” .. فالمشروعات الجارية تحقق زيادة واضحة في الناتج المحلي ، وخلق عشرات الآلاف من فرص العمل ، تنشيط السياحة في جنوب سيناء ، تعزيز دور محور قناة السويس ، رفع قدرة الدولة في مجال التصدير ، جذب استثمارات عربية وأجنبية بشكل متسارع ، سيناء تتحول إلى مركز اقتصادي مفتوح على البحرين الأحمر والمتوسط… وهذا موقع لا يملكه سوى عدد محدود من دول العالم.
سيناء كعمق استراتيجي للدولة المصرية
سيناء لم تعد مجرد حدود شرقية”، بل أصبحت حائط صد استراتيجي، ومنطقة آمنة تحمي القاهرة والدلتا ، و امتدادًا ديموغرافيًا يمنع الفراغ ، مركزًا صناعيًا يخدم الأمن القومي الاقتصادي ، وشريانًا للتجارة العالمية عبر قناة السويس والمنطقة اللوجستية ،، فاستقرار سيناء يعنى استقرار مصر… وتنمية سيناء تعنى حماية مستقبل الوطن.
رؤية الرئيس السيسي… الأساس الذي بُني عليه كل شيء
كانت رؤية القيادة السياسية هي العامل الحاسم وراء هذا التغيير الجذري، فالرئيس السيسي لم يطلق مشروعات تنمية… بل أطلق مشروع دولة ، فرؤية سيناء 2030 ليست خطة لسنوات، بل مشروع وطني مستمر يعيد رسم حدود التنمية والأمن والاقتصاد.
الخاتمة ـ سيناء 2030: مصر التي تُعاد كتابتها على صفحة جديدة
سيناء اليوم ليست صحراء، وليست تاريخًا، وليست عبئًا كما ظن البعض… سيناء اليوم هي قلب الجمهورية الجديدة، وذراعها الأمنية، وقاعدتها الاقتصادية القادمة.
ما يحدث الآن سيذكره التاريخ باعتباره أكبر عملية إعادة إعمار وتنمية شاملة منذ بناء السد العالي… ومصر تُثبت للعالم أنها قادرة على صناعة المستقبل مهما كانت التحديات.


