مقالات ودراسات

إبراهيم طه يكتب: من الخمول إلى الحركة.. قصة إحياء الترجمان؟!

هل من الممكن أن تتحول منشأة خاملة إلى قاطرة اقتصادية فاعلة؟
يدور هذا السؤال في ذهني كلما مررت بمنطقة ميناء القاهرة البري ومول الترجمان.. ولم تُبطئ وزارة النقل في تقديم ردها، فجاءت كلمات الأمل السريعة، وحاسمة كرياح التغيير، لتحول التساؤلات إلى يقين، والأمنيات إلى مشاريع واعدة ترفع راية التنمية وتُترجم الحلم إلى واقع ملموس.

نعم.. لم تتردد وزارة النقل وانطلقت بقوة نحو المستقبل بإبرام عقد شراكة استراتيجي مع مستثمر خاص، ليدير مول الترجمان لعقدين من الزمن، في خطوة جريئة تضع حجر الأساس لتحول تاريخي في مفهوم الاستثمار الحكومي.

لم يكن هذا التعاقد مجرد صفقة تجارية عابرة، بل كان تجسيداً حياً لخطة طموحة تهدف لتحقيق الاستفادة القصوى من البنية التحتية القائمة، وتعظيم العوائد الاقتصادية في إطار متكامل مع أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، ليثبت هذا النموذج الناجح أن التحول من الخمول إلى الفاعلية ليس مستحيلاً عندما تتضافر الإرادة السياسية والرؤية الاقتصادية.

كنت أحلم بتحويل هذا الصرح من منشأة خاملة إلى قاطرة اقتصادية تليق بموقعه في قلب القاهرة، وتصبح نموذجاً يخدم المجتمع وينعش الحركة التجارية.. واليوم تتحقق الرؤية بالشراكة الوطنية ونرى بإنجاز هذه الاتفاقية الوطنية كيف تترجم الإرادة السياسية الطموح إلى واقع ملموس.

آلية تشغيلية مبتكرة لتعظيم العوائد

وفقًا لبنود العقد الذي يبدأ سريانه من أول نوفمبر الجاري، سيتم تشغيل المركز التجاري الذي يشمل المول والمنطقة الترفيهية المرفقة به تحت إدارة المستثمر، بقيمة إيجارية سنوية تبلغ نحو 60 مليون جنيه، مع زيادة سنوية ثابتة بنسبة 7% طوال مدة التشغيل التي تمتد لعقدين من الزمن.

ببراعة استراتيجية وبصيرة اقتصادية ثاقبة تجسد الشراكة بين القطاعين العام والخاص نموذجاً متقدماً، حيث تحافظ الدولة على السيادة والرقابة، بينما يستثمر القطاع الخاص كفاءته التشغيلية والإدارية.. هذا التوازن يحول الأصول إلى محركات نمو فعلية، ويحقق أقصى استفادة من الموارد في إطار رؤية مصر 2030، مع الحفاظ على الملكية العامة وتعظيم العوائد الاقتصادية، ورفع مستوى الخدمات، وتحسين تجربة المستفيدين، بما ينعكس إيجاباً على الربحية والقيمة المضافة.

يتضمن الاتفاق بندًا استثنائيًا يتمثل في خصم مليون جنيه شهريًا من القيمة الإيجارية خلال أول 5 أعوام، ليتم توجيه هذه المبالغ إلى أعمال رفع كفاءة المشروع وتطوير خدماته.. هذا البند يظهر عمق الرؤية الاستثمارية التي لا تهدف فقط لتحقيق عائد مالي فوري، بل تسعى لضمان استدامة المشروع ورفع قيمته السوقية على المدى الطويل، مما ينعكس إيجابًا على جميع الأطراف ذات الصلة.

شراكة متعددة الأطراف

بالمناسبة ووفقا للمعلن رسميا، يضم هيكل ملكية شركة الترجمان جروب تحالفًا استثماريًا فريدًا يشارك فيه عدد من كبريات الشركات المساهمة، فتمتلك القابضة للنقل البحرى والبري نسبة 31.61%، والنصر للمقاولات 15.71%، بالإضافة إلى دمياط لتداول الحاويات والبضائع العامة بنسبة 6.52%، والإسكندرية لتداول الحاويات 6.52%، وبورسعيد لتداول الحاويات 6.52%، وشرق الدلتا للنقل والسياحة 5.52%، وأتوبيس غرب ووسط الدلتا 5.52%، والصعيد للنقل والسياحة 5.52%، والقناة للتوكيلات الملاحية 6.52%، والأهرام للاستثمار 3.01%، والاتحاد العربي للنقل 3.01%، وأخبار مصر للاستثمار 3.01%، وأخيرًا رشاد عثمان بنحو 1%. هذا التنوع في الملكية يضمن توزيع المخاطر وتجميع الخبرات.

مسار تطوري واستشراف للمستقبل

حينما تعمقت في البحث وجدت بحسب ما هو منشور في عديد الصحف أن هذا التعاقد تتويجًا لمسيرة تطويرية بدأت بافتتاح جراج الترجمان عام 2009 بمنطقة الترجمان وسط القاهرة، بنظام حق الانتفاع B.O.T لمدة 32 عامًا، باستثمارات بلغت 280 مليون جنيه.. واستطاعت الشركة القابضة، بعد نقل تبعيتها إلى وزارة النقل، رفع كفاءة مشروع ميناء القاهرة البري بالترجمان بتكلفة 14.3 مليون جنيه، ما أدى إلى زيادة صافي الربح النهائي لعام 2023 إلى 8.284 مليون جنيه مقارنة مع 4.2 مليون جنيه خلال 2022 و1.400 مليون جنيه في 2021 مسجلةً مساراً تصاعدياً يعكس نجاح الرؤية التطويرية.”

هذه النتائج تؤكد جدوى سياسة تطوير الأصول وتحسين إداراتها، وتمهد الطريق لمزيد من النجاحات في إطار رؤية مصر 2030 التي تهدف لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتعظيم الاستفادة من الموجودات الوطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »