مقالات ودراسات

إبراهيم طه.. يكتب: من النقل إلى المواطن: «سلامتك تهمنا»

من النقل إلى المواطن: «سلامتك تهمنا»

ك تلك الأم وهي تعد طعام الغداء أن صرخة طفل في الشارع ستقلب حياتها رأساً على عقب.. ستجعل قلبها يتوقف للحظات، وتجعلها تركض كما لم تركض من قبل نحو ذلك المزلقان غير الشرعي الذي حذرته مئات المرات.. «الحقوا ابنكم دهسه القطر».. كلمات قليلة محفورة بالدم، اختصرت مأساة أسرة، وجسدت كارثة تتكرر يومياً على قضبان مصر.

في أحد أيام الشتاء الفائت، لم يكن طفل التاسعة «إبراهيم وائل» يختلف عن أي طفل في مدينة بلقاس بمحافظة الدقهلية.. كان يلعب مع أقرانه قرب المنزل، يمرح ويمزح كما يفعل كل الأطفال. لكن بين اللحظة واللحظة الأخرى، تحولت براءة الطفولة إلى مأساة.

كان المزلقان غير الشرعي – ذلك الطريق القاتل الذي يسميه الأهالي «اللي يفوت يموت» – في انتظار ضحيته التالية.. حاول إبراهيم عبور القضبان في توقيت خاطئ، ليصطدم به قطار رقم 496 الركاب المتجه من كفر الشيخ إلى شربين. لم تكن هناك صفارات إنذار، لم تكن هناك حواجز أمان.. فقط عجلات فولاذية لا ترحم.

ما إن وصل الوالدان حتى وجدا جسد ابنهما تحول إلى أشلاء بجوار القضبان.. لم تتحمل الأم المنظر، وانهارت على الفور.. أما الأب، فظل واقفاً في صمت، عاجزاً عن الكلام، عاجزاً عن البكاء.. مشهد لا يمحوه الزمن.

الحل والواجب الوطني

هذه المأساة ليست قصة عائلة واحدة، بل هي قصة مجتمع بأكمله يواجه عادات سيئة تتحول إلى جرائم في حق الإنسانية.. وهذا بالضبط ما دفع وزارة النقل، في إطار حرص الدولة المصرية وقيادتها السياسية على سلامة المواطنين، إلى إطلاق وتكثيف حملة «سلامتك تهمنا».

تهدف الحملة إلى حماية الأرواح والممتلكات من خلال تغيير السلوكيات الخاطئة التي يمارسها البعض عند استخدام السكك الحديدية، وكذلك معالجة عدة ممارسات خطيرة، منها: «اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها، وإنشاء معابر غير قانونية عبر مسار القطارات، والعبث بفرامل القطارات أثناء سيرها، وإلقاء القمامة على القضبان وما حولها، والركوب في أماكن غير مخصصة مثل أسطح القطارات أو بين العربات، وقذف القطارات بالحجارة من قبل بعض الأطفال».

تلك التصرفات التي يراها البعض بسيطة، ليست مجرد مخالفات عابرة، بل هي شرارات ربما تشعل مأساة.. فالقضبان التي تمتد عبر ربوع مصرنا الحبيبة ليست مجرد مسارات حديد، بل هي شرايين حياة، وخلف كل نافذة قطار تسير، قصة إنسان.. أب يعود لأبنائه، وطالبة تتجه إلى جامعتها، وعامل يبحث عن رزقه.

نداء إلى كل مواطن

يا سادة.. انشروا الوعي في محيطكم، لأن وعيكم هو الدرع الواقي، وإدراككم هو الطريق الآمن فالجمهورية الجديدة تبني وتطور في كل المجالات، وتضع سلامة المواطن على رأس أولوياتها.. وعن يقين حملة «سلامتك تهمنا» هي رسالة حب من الدولة لأبنائها.. رسالة تقول: «حياتك غالية.. لا تستهين بها».. فلنكن جميعاً جنوداً في هذه الحملة وعيوناً ساهرة على أبنائنا.. لأن السلامة ليست شعاراً، بل هي حق لكل مواطن، ومسؤولية على كل فرد في هذا الوطن لنحمي حياتنا.. ونبني مستقبل مصر.. فهل من مجيب؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »