مقالات ودراسات

م . عباس محمود يكتب : من مدرسة لتعليم الرقص الي مركز ثقافي وفني

فى منتصف عام 2002 كانت تجمعنى جلسة بالصديق الراحل الفنان عدلى رزق الله فى مقهى ريش وكان يتحدث بأنه يبحث عن مكان لائق لإقامة مشروع يعرض فيه الفن التشكيلى ومعه استعراض كتاب ثقافى يتم مناقشته وتكرر هذا القاء عدة مرات وأعجبت جداً بهذا الموضوع ودعوته إلى مكتبى الكائن فى ميدان طلعت حرب وبعد معاينة المكان الذى كان فى السابق “معهد روبير” لتعليم الرقص ( فالس – التانجو وباقى الرقصات الغربية ) والذى حصلت على حق استخدامه – وتلك قصة أخرى – وبدأنا نعد المكان لكى يكون معرضاً للفن التشكيلى وملتقى ثقافى لمناقشة كتاب أسبوعياً وتم تجهيز المكان بالإضاءة اللازمة والتى تتمشى مع عرض اللوحات وبعد بحث طويل تقرر تسمية المعرض “5 + 5 لوحة وكتاب” وهذه التسمية ترمز إلى “5” عدد الفنون التى تشمل [ الأدب – النحت – العمارة – الخزف – الرسم ] ورقم “5” الآخر هو عدد أصابع اليد الواحدة التى تقوم بهذا العمل. وبعد الإنتهاء من تجهيز المكان تقرر افتتاح المشروع فى يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 وكان الافتتاح بعرض لوحات الفنانة التلقائية “شلبية إبراهيم” بنت الريف المصرى التى تزوجت من الفنان التشكيلى السورى “نذير نبعة”.
وفى الافتتاح حضر العديد من الكتاب والفنانين أذكر منهم على سبيل المثال كل من – مع حفظ الألقاب – السيدة/ ليلى مرموش، السيدة/ سهير فهمى “رئيس تحرير الأهرام إبدو”، الأستاذ/ سعد هجرس، الأستاذ/ محمد عودة، الأستاذ/ ياسر الزيات، الأستاذ/ عادل حمودة، الأستاذ/ محمد مستجاب، الأستاذ/ محمد عبد المعطى حجازى، الأستاذ/ جمال الغيطانى، الأستاذ/ بدر الديب بالإضافة إلى كوكبة من الفنانين التشكيلين، وخلال أيام المعرض الذى حقق نجاحاً كبيراً مما دعى إلى امتداد العرض لثلاثة أسابيع وساعد على ذلك أن الكثير من الصحف أفردت مساحات كبيرة للكتابة عن هذا المشروع وأطلق عليه الكثير من الأسماء من عناوين الصحف مثل “مغامرة أخيرة مدهشة” – “السيدة خديجة تفتح باب الجنة أمام شلبية” – ” واحة خضراء فى ميدان طلعت حرب” والكثير مما لا يتسع المجال لكتابتها وتوالت العروض وجاء فنانون من البحرين وليبيا وغيرها من الدول وكان بحق مهرجان للثقافة والفن الجيد فى وسط البلد وقمت بتنفيذ فكرة جديدة وهى دعوة شباب خريجى كلية الفنون الجميلة فى مجالات التصوير والخزف والنحت لعرض أعمالهم بلا أى تكلفة بشرط أن يكون هذا العرض هو الأول لهم ولم يسبق لهم عرض أعمالهم قبل ذلك وتم إقامة هذا العرض دون تحميل الشباب أى أعباء مادية. ووصل هذا الحدث إلى أسماع وزير الثقافة الفنان “فاروق حسنى” فقرر زيارة المعرض وبالفعل قام بالزيارة وسألنى إذا كنت احتاج إلى دعم من الوزارة عندما علم بأننى أقمت هذا المعرض على حسابى الخاص دون أى تكلفة فطلبت من سيادته بدلاً من الدعم أن تقوم الوزارة بشراء بعض الأعمال لتشجيع الشباب وتنضم هذه الأعمال إلى مقتنيات الوزارة وهذا ما تم بالفعل وأثناء هذا المعرض قامت الإعلامية السورية/ رشا مدينة بتغطية هذا الحدث وكان معى فى هذا اللقاء الأستاذ/ عادل حمودة الصحفى المعروف وفى ختام اللقاء التلفزيونى سألتنى الأستاذة/ رشا لماذا تقوم بهذا العمل وتتكلف هذه الأعباء؟ فكانت إجابتى أن قلت حرفياً نسمع كثير من الأغانى تتغنى بمصر مثل “يا حبيبتى يا مصر” و”مصر هى أمى” و”مصر التى فى خاطرى” ولكن الحقيقة أن أمنا مصر تتعرض للنهب من يحاول أن يسرق القرط من أذنيها أو يخطف الكردان من حول رقبتها أو يخلع عنها الخلخال من قدميها فما المانع من أن يقوم أحد أبنائها بالربت “الطبطبة” على كتفيها ويقدم لها كعكة صغيرة أو كوب من اللبن كى يطيب خاطر أمه وهذا ما فعلته، وكانت تلك المقولة منى صادمة حتى للأستاذ/ عادل حمودة الذى صرخ فى قائلاً “كيف قلت الكلام ده” فأجبته أنا لم أكن أتوقع هذا السؤال وعليه فلم يكن لدى إجابة ولكن هذا هو احساسى بالفعل.
وهكذا مر المشروع حتى جاء يوم وكنت أجلس مع الفنان عدلى رزق الله صاحب الفكرة وسألته سؤال واحد “كم عدد صالات العرض فى القاهرة؟” فأجابنى مندهشاً من السؤال “أكثر من 50 صالة عرض على مستوى القاهرة الكبرى” فعدت أسأله “كم فى مصر من فنانين على مستوى الفنان عدلى رزق الله؟” فأجاب باعتزاز وافتخار “أعتقد أنهم لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة” فقلت له هل من العدل أن يضحى فنان نادر مثلك فى سبيل صالة عرض متوفرة لأعداد كبيرة سواء التابعة لوزارة الثقافة أو الخاصة وأردفت قائلاً أنا لا يمكن أن أشارك فى هذه الجريمة بأن أحرم الجماهير من أعمالك الفنية لمجرد أن أنجح فى صالة عرض متوفر مثلها وأفضل منها فى أماكن كثيرة ومن هذا المنطلق أرجو بكل الحب أن تعود إلى صومعتك الفنية الواقعة فى منطقة كينج مريوط فى الإسكندرية التى تشرفت بعمل أعمال خشبية بها مثل البوابات والمقاعد وخلافه والتى شهدت الكثير من لقاءات المثقفين فيها، وتم الإتفاق على ذلك وكان هذا فى عام 2005 وكانت نهاية التجربة المثيرة والجميلة… ومرفق بعض الصور …
وإلى لقاء آخر……

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »