مقالات ودراسات

م . عباس محمود يكتب : قليل من الملح لإصلاح الطعام

قليلأصدرت الحكومة فى السنوات الأخيرة الكثير من القرارات للتخفيف على المواطنين ، ولكن وعند التطبيق وجد أن هناك من المعوقات ما ينسف الهدف النبيل من هذه القرارات مما جعلنى اتساءل أليس فيكم رجل حكيم ينزع هذه الأشواك كى تؤدى هذه القرارات الهدف النبيل الذى صدرت من أجله وحتى لا يضيع الكلام سنضرب أمثلة لبعض هذه الأشياء.

النقطة الأولى عندما صدر قرار بإعفاء كبار السن ممن يتجاوزون السبعون عاماً من رسوم المواصلات العامة سواء كان مترو أو أتوبيسات نقل عام ورغم أن هذا القرار يصب فى صالح كل من تجاوز سن السبعين إلا أن كل من له الحق فى الاستفادة من هذا القرار عليه أن يذهب إلى مركز هيئة النقل العام بميدان العباسية ويقف فى طوابير طويلة ليستوفى الطلب ويقدم صورة شخصية له وكذلك عدة أوراق لا معنى لها ثم يُطلب منه العودة مرة أخرى لإستلام البطاقة التى تسمح له بإستخدام هذه المنحة “الركوب المجانى” بعد مرور شهر أو أكثر أو يذهب إلى إحدى محطات المترو التى يوجد بها شبابيك اشتراكات ليجدد الاشتراك وذلك كل ثلاثة أشهر مقابل مبلغ خمسة جنيهات ومن البديهى أن كل المستفدين من هذا القرار هم ممن تجاوزوا سن السبعين فلماذا لم يكتفى أصحاب القرار بأن يطلع المحصل سواء فى المترو أو أتوبيسات النقل العام على بطاقة الرقم القومى للمواطن دون هذه التعقيدات الإدارية التى لا تحمل أى معنى سوى تكلفة الدولة بموظفين وأوراق وخلافه فى بلد تنتقل إلى التحول الرقمى فى كل شيء.

النقطة الثانية هى منظومة العلاج على نفقة الدولة هذا العنوان الرائع والذى يترجم مقولة السيد الرئيس “أن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه” ولكن للأسف تم تفريغ هذه المنظومة من كافة معطياتها الإيجابية وتربص عاشقى الروتين والأوراق المتعددة بإفراغ المنظومة من أهدافها النبيلة ولم يتم مراعاة أن هناك حالات لو انتظرت إنهاء الأوراق والأختام والتوقيعات لقضى الأمر ولم يعد المريض فى حاجة لإستخدام هذه المنظومة لإنتقاله إلى رحمة الله أما من يسعده الحظ فالمصيبة أكبر حيث تتولى المستشفيات ومنها مستشفيات خاصة تقوم بالإنضمام إلى هذه المنظومة مقابل إعفائها من جزء من الضرائب ولكن الواقع يقول أن المساهمة من المستشفيات العامة أو الخاصة تحمل المريض – والذى فى معظم الأحوال من محدودى أو معدومى الدخل – بكافة أنواع الأدوية المطلوبة وأكياس الدم إن كان العلاج يستدعى ذلك حيث يلزمون المريض أو اسرته بإحضار كمية معينة من أكياس الدم والشراء من بنوك الدم كما يحملون المريض الذى صدر له قرار العلاج بكافة الأدوية اللازمة بدعوى عدم توافرها وبعد إنتهاء العملية أو الجراحة يعود المريض خاصة فى أحوال عمليات القلب إلى تحمل كافة مراحل العلاج ما بعد الجراحة وهكذا تصبح المنظومة فى معظم الحالات إلا من رحم ربى أو من وجد له واسطة للإستفادة من المنظومة وبذلك تتحول هذه المنظومة إلى حبر على ورق ويتم تفريغها من مضمونها الإنسانى.

النقطة الثالثة هى الإنفلات الغير مبرر فى الأسعار فى كافة المجالات سواء المواد الغذائية أو الأجهزة أو الخامات اللازمة لأى شيء ولا استثنى بحجة المقولة الزائفة بأننا نسير على نظام السوق الحرة، والسوق الحرة يا سادة فى أعتى النظم الرأسمالية مثل الولايات المتحدة أو انجلترا والدول الأوروبية وهى بلا شك من الدول التى تطبق نظام الإقتصاد الحر ولكن هذه الدول وبدون استثناء تضع لكل سلعة سقف لهامش الربح لا يمكن تجاوزه فمثلاً الملابس الجاهزة تضع لها هذه الدول هامش ربح فى المتوسط لا يتجاوز 30% وصناعة الأجهزة المنزلية هامش الربح فيها فى المتوسط يكون 20% من تكلفة التصنيع وهكذا فى كل المجالات حتى المواد الغذائية وتكون المنافسة بين المنتجين فى تخفيض الحد الأقصى من هامش الربح ولكن أن تترك الأمور “سداح مداح” لا يوجد له مثيل فى كافة الأنظمة الإقتصادية سواء كان اقتصاد موجه أو اقتصاد حر.
ومن كل ما سبق يتضح أن النوايا الطيبة التى يتبناها الكبار ينجح الصغار الذين لا يقدرون المسئولية الملقاة لتنفيذ الهدف المطلوب ويتسببون بتفكيرهم البيروقراطى فى تفريغ الهدف السامى لأى منظومة من محتواها.

أعان الله المواطنيين والمسئولين الكبار على هؤلاء الصغار المتجمدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »