مقالات ودراسات

م . عباس محمود يكتب : طريق الإسماعيلية والنظرة القاصرة

فى أواخر السبعينات وكنت ما زلت أعمل فى إحدى شركات الطرق التابعة للمؤسسة المصرية للطرق والكبارى ( هيئة الطرق والكباري حاليا ) ، وأثناء توجهى لمتابعة العمل فى إحدى المواقع القريبة من الإسماعيلية وجدت فى بداية طريق الإسماعيلية الصحراوى مجموعة كبيرة من مهندسى مؤسسة الطرق ومعهم عدد من الفنيين يقومون بتخطيط لتوسيع طريق الإسماعيلية، وكان الطريق فى ذلك الوقت يتكون من حارتين للذهاب وحارتين للعودة وكان التوسع سيجعله ثلاث حارات فى كل إتجاه، ونظراً لمعرفتى بهم جميعاً وقفت أسأل وأقترحت عليهم أن يجعلوا جزيرة فى وسط الطريق تفصل ما بين إتجاه القاهرة وإتجاه الإسماعيلية وأن يكون عرض الجزيرة لا يقل عن 60متر لعدة أسباب.

أولها استيعاب التوسعات القادمة التى ستحدث نتيجة إنشاء عدة مدن على طول الطريق مثل: مدينة العبور – مدينة الهايكستب العسكرية – مدينة السلام وتوسعات المدينة الصناعية بالعاشر من رمضان وما يتبع هذه التوسعات من منشآت على طول الطريق وحتى يمكن الحفاظ على حرم الطريق من الإتجاهين والذى لا يقل عن 50متر فى كل إتجاه عند الإحتياج إلى توسعات فى هذه الحالة.
وفى أثناء المناقشات وتبادل الآراء حضر المهندس المسئول عن تخطيط الطريق وكان بدرجة مدير عام وعندما سمع الحوار تجهم وأنهى الحوارات بإصدار أمر أن يتم تنفيذ تعليماته والتى تقضى بأن لا يزيد عرض المأوى ما بين الاتجاهين عن ستة أمتار وحاولت إثناءه عن هذا القرار وكنت فى ذلك الوقت أنتدبت بدرجة مدير عام لحين إكتمال المدة التى تسمح بالحصول على هذه الدرجة ولكنه اصر على هذا القرار قائلاً ” نحن المسئولون ولا دخل للشركات بأعمال المؤسسة” وتركته وتوجهت إلى عملى، ومرت السنوات، وبعد مرور حوالى عشر سنوات على هذا الموقف كنت فى طريقى إلى مدينة العاشر من رمضان لمتابعة بعض أعمالى الخاصة حيث تركت الوظيفة فى عام 1979 ووجدت مجموعة من مهندسى هيئة الطرق والكبارى والتى لم تنقطع صلتى بهم طوال هذه السنوات وتوقفت لتحيتهم وتبادل الأحاديث ومعرفة العمل الذى يقومون به فأخبرونى بأن المطلوب توسيع الطريق حارتين فى كل إتجاه مما يستلزم 12متر وهذه المساحة غير متوفرة نظراً لوجود منشآت كثيرة على الطرفين وأن مسافة الجزيرة الوسطى لم تتجاوز ستة أمتار وأن النظرة المستقبلية القاصرة هى السبب فى هذا المأزق ولم يكن هناك مفر من الإجتراء على حرم الطريق فى كل من الإتجاهين ليصبح أقل من الحرم القانونى حيث كان من الصعب التعدى على المنشآت سواء كانت عامة أو خاصة.
وكان ذلك درساً للجميع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »