م . عباس محمود يكتب : المهندس اللمض و سليمان متولي .. ووزير نقل ألمانيا الشرقية

فى يوم الثالث من يناير 1984 وكنت قد تركت العمل بالقطاع العام وبدأت عملى الخاص حادثنى المهندس رمسيس ويصا مديرى السابق وطلب منى الحضور إلى مكتبه فوراً لأمر هام وذهبت إليه فوجدته فى حالة قلق شديد وأخبرنى بأنه تلقى مكالمة من السيد المهندس سليمان متولى وزير النقل والمواصلات يخبره فيها بأن هناك زيارة لوزير النقل لجمهورية ألمانيا الشرقية إلى مصر اعتباراً من يوم 6 يناير لمدة أربعة أيام لزيارة الأقصر وأسوان وبما أن المهندس رمسيس هو المسئول عن مشروعات وجه قبلى فهو أولى بأن يتولى تنظيم هذه الزيارة فقلت له “وأين المشكلة” فأجابنى “أنت عارف أنا كبير عائلة وهذه الزيارة ستكون فى عيد الميلاد المجيد والتقليد عندنا أن يجتمع أفراد العائلة فى منزلى للإحتفال بعيد الميلاد ولم أجد مفر من الإستعانة بك للقيام بهذه المأمورية وأنا أعلم مدى علاقاتك فى الأقصر وأسوان ونفوذك القوى هناك فأنت خير من يقوم بهذه المهمة”، فقلت له أنا تحت أمر سيادتك ولكن لى طلب واحد
أولاً: أن يكون ذلك بعلم سليمان بك حيث أنه سيصل إليه الخبر بطريقة أو بأخرى وأرى أن يتم إستئذانه بأننى الذى سيقوم بهذه المهمة
وثانياً: أن يكون لى صلاحية كاملة فى تنظيم هذه الرحلة. فاستأذن منى وتوجه إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة حيث تم الاتصال بالوزير وعاد إلى بعد حوالى ربع ساعة وقد تهلل وجهه وأخبرنى بأن الوزير سأل من هذا المهندس الذى سيحل مكانك فى هذه الزيارة فلما أخبرته وطمأنته بأننى واثق أنك ستقوم بالمأمورية أفضل منى وأخذت أذكره ببعض المواقف التى جمعتك معه فرد على قائلاً: “هو ده الواد المهندس اللمض بتاع الغردقة” فأخبرته بنعم فوافق فوراً.
وكان من المقرر السفر صباح يوم 6 يناير، ومن ناحيتى قمت بالإتصال ببعض الأشخاص فى محافظة قنا – حيث كانت مدينة الأقصر تابعة لمحافظة قنا ولم تصبح بعد محافظة مستقلة – وتم إخبارى بأن ترتيب الإستقبال سيكون على أعلى مستوى. وصلنا إلى مطار الأقصر صباح يوم 6 يناير حيث وجدت أن صالة كبار الزوار تم إعدادها كما تم ترتيب موكب من أربع سيارات حديثة “فى ذلك الوقت” محاطة بمجموعة من الدراجات النارية “موتسيكلات” الخاصة بالركب الرسمى لأى مسئول فى الدولة واخترقنا مدينة الأقصر بهذا الموكب الحافل حتى فندق ونتر بالاس وبدأت الزيارة وأنا مع السيد الوزير أشرح له كل شيء. وتوجهنا فى الصباح إلى معبدي الأقصر والكرنك ثم فى المساء إلى عرض الصوت والضوء.
وكان برنامج اليوم التالى هو زيارة البر الغربى ووادى الملوك والملكات ثم ركوب الطائرة إلى أسوان، فتحدثت مع الوزير قائلاً “أن هذا البرنامج لا يفى بالغرض منه وأننى أقترح أن نقوم بالرحلة من الأقصر إلى أسوان بالسيارت عن طريق البر حتى نتمكن من رؤية المعابد فى الطريق “معبد إسنا – معبد أدفو – معبد كوم امبو” ثم الوصول إلى أسوان. وتمت الترتيبات على هذا الأساس وتم إلغاء طائرة الأقصر / أسوان وقام محافظ الأقصر فى هذا الوقت بترتيب موكب يواكبنا حتى حدود محافظة قنا بمدينة إسنا وتم الإتفاق مع السيد محافظ أسوان بأن ينتظرنا موكب محافظة أسوان عند مدينة إسنا لمرافقتنا حتى مدينة أسوان، وتمت الرحلة وذهبنا إلى مقر الإقامة فى فندق كتراكت. وفى اليوم التالى ذهبنا فى رحلة صباحية لزيارة بحيرة ناصر “السد العالى” والمرور على جسر السد العالى ثم المسلة الناقصة وكل ذلك بمصاحبة مرشدين من هيئة الآثار لتولى الشرح باللغة الألمانية، وعدنا بعد الظهر إلى فندق كتراكت حيث أقام محافظ أسوان مأدبة غذاء تكريماً للوزير الضيف.
وفى اليوم الأخير وكانت الزيارة قد زادت يوماً واحداً قمنا بعمل جولة لزيارة مقبرة أغاخان وحديقة فريال وحديقة النباتات الأستوائية وعدنا إلى القاهرة مساء يوم 10 يناير.
وبعد مرور عدة أيام أتصل بى مهندس رمسيس لإبلاغى بأن السيد الوزير سليمان متولى سعيد جداً بهذه الزيارة وأن الوزير الألمانى كان فى غاية السعادة خاصة استبدال الطائرة من الأقصر إلى أسوان بالطريق البرى وأبلغنى تحياته وشكره.
وتمت الزيارة على خير ولم تخلو بعض التعليقات فى الشركة من الغمز واللمز عن كيفية اسناد هذه المهمة إلى شخص انقطعت علاقته بالشركة وكان تعليقى الوحيد “لو كان فيه حد فيكم ينفع ما كنوش طلبوا منى كده”.