النقل البحري المصري و محددات الأمن القومي ” 2 “

استعرضنا في المقالة السابقة توجيهات السيد رئيس الجمهورية بتطوير النقل البحري، لتحقيق أقصى عائد اقتصادي، وتجارى و استثماري، ويتسق مع محددات الأمن القومي المصري، وبما يسهم في إستراتيجية تعزيز حركة التجارة البينية المصرية مع التكتلات الإقليمية على مستوى العالم، في ضوء ما يربط مصر مع التكتلات من اتفاقيات التجارة الحرة.
ونستكمل في مقال اليوم الموقف الحالي للموانيء المصرية، و نستعرضها كالاتي :-
– طاقة الموانئ – تداول البضائع بالموانئ يتسم بالتركز الشديد – الموانئ في المؤشرات الدولية – تعدد جهات الاشراف – تواضع عوائد الموانئ.
طاقة الموانئ المصرية
الطاقة التصميمية للموانئ المصرية (170.605 مليون طن بضائع – 11مليون حاوية).
ترتب على جهود الدولة في تطوير الموانئ خلال العشر سنوات من 2008 – 2018 زيادة الطاقة (27% بضائع – 90% حاويات).
و تستهدف الدولة زيادة طاقة الموانئ في 2030 إلى (400 مليون طن بضائع – 40 مليون حاوية)، و هذا يتطلب جهدا كبيرا لتحقيق المستهدف وتحسين البنية التحتية و المعلوماتية.
تركز تداول البضائع في عدد محدود من الموانئ (ميناء الإسكندرية 36% من البضائع – ميناء دمياط 20% – موانئ المنطقة الاقتصادية (السخنة – بورسعيد) 34%).
كما يتركز نحو 61% من تداول الحاويات في موانئ المنطقة الاقتصادية (بورسعيد والسخنة)
ويتضح خطورة هذا الوضع إذا علمنا ان الدراسات تشير غرق موانئ الاسكندرية ودمياط وبورسعيد بحلول 2050
عوائد الموانئ المصرية ضعيفة بالقياس لحجم الاستثمارات، فميناء سنغافورة يحقق من نشاط واحد 18 مليار دولار (المسافنة)
تتوزع الموانئ المصرية بين عدة جهات اشرافية (بخلاف الموانئ التخصصية – 3 موانئ القوات البحرية – موانئ تتبع المنطقة الاقتصادية – 9 موانئ تتبع وزارة النقل)
مما يؤدى الى صعوبة التنسيق بينها حتى في ظل المجلس الاعلى للموانئ ويخلق نوعا من المنافسة الضارة بينهم.
الموانئ المصرية والمؤشرات الدولية

– لا يتناسب ترتيب الموانئ المصرية في المؤشرات الدولية مع مكانة مصر.
– كما ان الموانئ المصرية مازالت تنتمي الى الجيل الثاني وتسعى جاهدة للوصول للجيل الثالث، بينما وصلت الموانئ العالمية للجيل السادس.
– قائمة أفضل 100 ميناء في العالم عام 2023 تحسن فيها ترتيب بورسعيد حيث بلغ 10 بعد ان كان 45 في العام الماضي وسيبقه العديد من الموانئ العربية
– سياسات تطوير وتحديث الاسطول (السياسات الاقتصادية المحفزة للاستثمار في الاسطول – اصلاح الإطار المؤسسي)
اصلاح الإطار المؤسسي
البيئة الحالية طاردة للاستثمار، وآية ذلك انه يوجد 239 سفينة مملوكة لمصريين، وترفع اعلام دول اخري ، مثل بنما – ليبريا – السعودية وغيرها، وهذه الظاهرة في تطور مستمر
و الأمر يتطلب اصلاح التشريعات الآتية:
– تبسيط اجراءات بيع وتأجير السفينة
– ألغاء العقوبات المقيدة للحريات واستبدالها بعقوبات مالية رادعة ولا تؤثر على استمرارية العمل
– تعديل احكام اكتساب جنسية السفينة بحيث تتسع لتسمح باكتساب الجنسية للسفن المستأجرة عارية او تأجير تمويلي
السياسات الاقتصادية المحفزة للاستثمار في الاسطول
– سياسات مالية (إعانات لمشغلي السفن – إعانات لتشجيع تشغيل سفن الحاويات – قروض بفائدة مدعمة للملاك -قروض ميسرة لتمويل رأس المال العامل)
– سياسات نقدية (قروض محلية بفائدة تفضيلية – الضمان الحكومي للقروض الخارجية للملاك: «إعفاءات ضريبية: من ضريبة الأعمال – من ضرائب تموينات السفن -من ضرائب اقتناء السفن – إعفاء السفن المستوردة».
– سياسات تسهيل اقتناء السفن (برنامج تمويل بناء السفن: تقدم الحكومة نسبة من التمويل المطلوب لبناء السفن كقروض ميسرة للملاك – تأجير السفن مع خيار الشراء: تماثل فكرة بيع السفينة مع إعادة الإستئجار – السماح باستيراد السفن المستعملة وتسهيل إجراؤه وتوفير التمويل).
– سياسات تشغيلية
– منح نوالين تميزية للصادرات المصرية يتم تسعيرها على اساس التكاليف المتغيرة وجزء من التكلفة الثابتة للتغلب على مشكلة عدم التوازن التجارى.
– التمسك بتطبيق قواعد السلوك للمؤتمرات الملاحية 40:40:20.
– اشتراط ان يتم استيراد – على الاقل الواردات الحكومية بنظام FOB–حتى يمكن نقلها على سفن مصري.
– تشغيل سفن حاويات رافدية لتتكامل مع مشغلي السفن الام.
– تشغيل سفن مصرية في الملاحة الساحلية كونها محجوزة لدولة العلم، ويمكن ان تعمل في التجارة البينية الساحلية وايضا الملاحة القصيرة.
– يمكن اعادة استنساخ تجربة شركة زيم بالبدء باستئجار خلايا
– اعداد كوادر بشرية مؤهلة باحدث النظم العالمية فى ادارة وتشغيل السفن، ومزودة بعلوم ادارة الاعمال الملاحية، واللوجستيات
– سياسات تطوير وتحديث الموانئ البحرية المصرية
الجانب المؤسسى:
– تجميع انشطة الميناء تحت مظلة واحدة لتحقيق التكامل ومنع المنافسة الضارة.
– التنسيق بين اطراف مجمع الميناء لتسهيل الاجراءات
– تحديث المعدات بما يلائم التطور التكنولوجى فى السفن ومعدات التداول.
– رفع كفاءة العاملين بالموانئ وفقا لاحدث المستجدات فى النقل البحرى
– تفعيل قواعد تسهيل التجارة التى تبنتها منظمة التتجارة العالمية
– سرعة التخلص من المهمل والراكد لتأمين الموانئ المصرية
– السياسات المحفزة للتطوير
– السياسات الاقتصادية لتطوير الموانئ
– اتباع سياسات تسعير مرنة تتناسب مع جودة الخدمة، وزمن تقديمها، ومرونة الطلب السعرية
– انشاء موانئ حرة ومنح امتيازات للمشغليين والمستثمرين تتناسب مع قيمة الاستثمارات المنفذة
– تشجيع الاستثمار فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
– وضع حوافز لجذب تجارة الترانزيت وعمل ترتيبات مع كبار العملاء
– تشجيع المشاركة مع الخطوط الملاحية فى ادارة محطات
– تحويل الموانئ الى موانئ لوجيستية وربطها بسلاسل الامداد العالمية.
– السياسات الاقتصادية لتطوير الموانئ
– تحويل الموانئ الى موانئ لوجيستية وربطها بسلاسل الامداد العالمية.
– تنافسية الموانئ تؤثر فى تنافسية الدولة وتتوقف تنافسية الموانئ (تحسين الاتصال بالخطوط الملاحية من خلال الرقمنة وربط الشبكات المحلية والاقليمية والعالمية وضمان المنافسة وتحديث الموانئ وتيسير التجارة ورصد الأداء – تقليل زمن بقاء السفينة بالميناء – تبسيط الاجراءات والنافذة الواحدة – جودة الخدمة اللوجيستية رفع مستوى البنية التحتية المعلوماتية).
و حصاد ما تقدم فإنه يمكن تطوير الأسطول التجاري البحري المصري لكي يسهم في تنمية الإقتصاد القومي، ويتطلب ذلك:
– وضع إستراتيجية واضحة للتنمية الإقتصادية تتضمن إستراتيجية لتطوير الأسطول.
– تصميم مجموعة متكاملة من السياسات الإقتصادية التي تكفل تحقيق الأهداف المتغياه.
– ضرورة التدخل الحكومي لتوفير التمويل المطلوب وتقديم مختلف أنواع الدعم ومنح الإعفاءات الضريبية لملاك ومشغلي السفن والسماح بإستيراد السفن المستعملة
– يمكن إنشاء شركات صورية تنشئها البنوك وشركات التأمين لتقوم بتوفير التمويل اللازم لتملك وتشغيل السفن.
– تشجيع الإندماجات بين الشركات الملاحية الوطنية حتى تتمكن من الصمود في حلبة المنافسة.
– التمهل في تطبيق إجراءات تحرير قطاع النقل البحري، حيث أن معظم الدول البحرية لا تزال تقدم كافة أشكال الدعم لأساطيلها.
الدكتور محمد علي ابراهيم استاذ الاقتصاد واللوجستيات
مؤسس كلية النقل الدولي واللوجستيات في اكاديمية النقل البحري
رئيس فرع أكاديمية النقل البحري الاسبق في بورسعيد