مقالات ودراسات

إبراهيم طه.. يكتب: «النقل» والتواصل الحكومي الفعّال

في مكالمة هاتفية مع صديقي «الودود» الذي لا يعجبه العجب باغتني بسؤال: باعتبارك عملت سنوات في قطاع العلاقات العامة مع مؤسسات حكومية.. هل زيارة معالي الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل، لمحطة مصر للسكك الحديدية بالإسكندرية تُعد نموذجًا متميزًا لتطبيق استراتيجيات التواصل الفعّال وفقا لعلوم الرأي العام «Public Opinion Engineering» وتطبيقاتها في التواصل الحكومي.

سريعا جاءت إجابتي: نعم هي نموذجًا متميزًا لتطبيق استراتيجيات التواصل الفعّال.. ويمكن تحليل هذه الزيارة باستخدام إطار علمي يعتمد على مفاهيم الاتصال الاستراتيجي، وإدارة الانطباع، وبناء رأس المال الاجتماعي.. وتجادلنا حول الاستراتيجيات المستخدمة وهي:
اولا، الاستباقية وإدارة التوقيت:
وتشير إلى اختيار توقيت الرسائل الاتصالية لتعظيم التأثير على الجمهور المستهدف، وفقًا لنظرية «التأثير السياقي».. وقلت: بالتطبيق على الزيارة، تم اختيار توقيت الزيارة ليتوافق مع بداية العام الدراسي، وهي فترة ذات حساسية عالية تتسم بزيادة الطلب على خدمات النقل، وهذا التوقيت يعزز «الإدراك الإيجابي» لدى الجمهور، حيث يُظهر أن الدولة تستجيب بشكل استباقي لاحتياجات المواطنين.
واضفت: ولا ننسى التأثير، يعمل هذا النهج على تقليل «القلق المعرفي» لدى الجمهور، خاصة الطلاب وأولياء الأمور، من خلال إيصال رسالة ضمنية بأن الدولة تُدرك احتياجاتهم وتستعد لتلبيتها ووفقًا لنظرية «الإطار الإعلامي»، فإن هذا التوقيت يُعزز إطارًا إيجابيًا يربط بين الدولة ومفهوم «الرعاية».

وانتقلت إلى الاستراتيجية الثانية، وهي:
الشفافية والمتابعة الميدانية، وقلت الاتصال الحكومي في العموم يعيش على الشفافية ليوفر معلومات واضحة ودقيقة حول الأداء المؤسسي، معززاً بالحضور الميداني للقيادات، وفقًا لنظرية «الاتصال المفتوح» وبالتطبيق في الزيارة، فحضور الوزير شخصيًا في المحطة، وتفاعله المباشر مع المسؤولين والركاب، يعكس نهجًا يعتمد على «الاتصال ثنائي الاتجاه» وهذا النهج يقلل من «الفجوة الإدراكية» بين الحكومة والجمهور، حيث يُظهر أن القيادة لا تعتمد فقط على التقارير المكتبية، بل تتحقق من الواقع مباشرة.

وانتقلت إلى الاستراتيجية الثالثة وهي:
تأكيد الالتزام بالوعود وهي استراتيجية اتصالية تهدف إلى تعزيز «التماسك السردي» بين الوعود المعلنة والإجراءات المنفذة، وبالتطبيق هنا خاصة في تصريح الوزير بتعهده أمام الرئيس والشعب بتحسين السكك الحديدية يُعد استراتيجية لربط الأفعال الحالية «الجولة الميدانية» بالوعود السابقة، مما يخلق «استمرارية سردية».
وقلت: هذا التصريح يعمل كآلية لـ«إدارة التوقعات» لدى الجمهور ويعزز هذا النهج «الثقة المؤسسية» من خلال إظهار التزام القيادة بتحقيق أهدافها المعلنة، كما يربط بين الخطاب الرسمي والإجراءات التنفيذية.

وانتقلت إلى الاستراتيجية الرابعة وهي:
التركيز على خدمة المواطن وهو نهج التركيز على المواطن يعتمد على مبدأ «تصميم الخدمة لصالح المستخدم»، حيث تُصمم السياسات والخدمات لتلبية احتياجات الجمهور المستهدف، وفقًا لنظرية «تجربة العميل».
وبالتطبيق هنا، حرص الوزير على الاطمئنان على مستوى الخدمات المقدمة للركاب يعكس نهجًا يضع المواطن كمحور للعملية التنموية.. والتركيز يُبرز أن الهدف النهائي للتطوير ليس مجرد تحسين البنية التحتية، بل تحسين «تجربة المستخدم».
كما يعزز هذا النهج «الرضا المعرفي» لدى الجمهور، ويشعر المواطنون بأن احتياجاتهم تُؤخذ في الاعتبار.. كما يساهم في بناء «الولاء المؤسسي» من خلال إظهار أن الدولة تعمل لصالح المواطن.

وقلت: النتائج الإجمالية من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، أننا أمام زيارة ناجحة في تحقيق أهدافها المتعددة عبر الاستباقية، الشفافية، تأكيد الالتزام، والتركيز على المواطن، محققةً ثقة مؤسسية، مصداقية، ورأيًا عامًا إيجابيًا.. ولكن لتجنب التشكيك أو إرهاق الجمهور، عزز الشفافية بتقارير دورية وتفاعل رقمي لبناء الثقة.
وهنا اثنى صديقي الودود على التحليل العلمي وقال: بالفعل هذا النهج يعكس تطبيقًا متقدمًا لمبادئ الاتصال الحكومي ويؤكد أهمية التوازن بين العمل الميداني والتواصل الفعّال في تحقيق أهداف إدارة الرأي العام.

مقالات مرتبطة

إبراهيم طه يكتب: «النقل» و«المدرّب كارتر».. تحويل التمرّد إلى انضباط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »