مقالات ودراسات

إبراهيم طه.. يكتب: «النقل» تعالج جسد مصر ب «7» شرايين لوجستية

«النقل» تعالج جسد مصر ب «7» شرايين لوجستية

لا تُقاس حياة الأوطان بعدد السنين، بل بحجم الأحلام التي تُولد فيها، وبقوة الإرادة التي تحيل تلك الأحلام إلى واقع ملموس.. في مصر، حيث التاريخ يمتد كشريان متدفق، وحيث المستقبل ينتظر على عتبة كل يوم جديد، تُعلن وزارة النقل عن ميلاد سبعة شرايين جديدة، ليست من لحم ودم، بل من أسفلت وحديد، لتتغلغل في جسد الوطن، وتُعيد رسم خريطته الاقتصادية من جديد.. هذا ليس مجرد مشروع لوجستي، بل هو حكاية إصرار على أن تُصبح مصر، مركزاً للتجارة العالمية، ومحوراً ترانزيت لا يمكن تجاوزه.

هذه الشرايين، أو الممرات اللوجستية كما تُسمى في لغة التخطيط، هي قصص تُحكى على امتداد آلاف الكيلومترات. كل ممر هو حكاية منفصلة، لكنها جميعاً تصب في نهر واحد: نهر التنمية المستدامة 2030.

هذه الممرات ليست مجرد خطوط على خريطة، بل هي أذرع تمتد لتحتضن مناطق الإنتاج من مصانع ومزارع، وتوصلها إلى شواطئنا التي تطل على بحرين، المتوسط والأحمر، في رحلة قصيرة، سريعة، وفعالة. إنها رحلة من العرق والكدح إلى ميناء ينتظر، ليُسافر معه حلم جديد إلى العالم.

1. السخنة – الإسكندرية
هنا يتجسد المعنى الحقيقي للعبور.. يبدأ المسار من ميناء السخنة الحالم على البحر الأحمر، ويمر بقلب القاهرة الصاخب، ليصل إلى الإسكندرية، عروس البحر المتوسط.. إنه جسر يربط بين التاريخ والحاضر، بين الشرق والغرب، حاملاً معه آمالاً بمستقبل مزدهر.

2. العريش – طابا
في أرض الفيروز، سيناء، يُرسم هذا الممر.. يبدأ من ميناء العريش ويشق طريقه نحو خليج العقبة، مروراً بقلب الصناعات الثقيلة. إنه ممر الأمل الذي يُعيد الحياة إلى الصحراء، ويُبرز قيمة كل حبة رمل فيها.

3. القاهرة – الإسكندرية
في هذا الممر، تلتقي عاصمة الصعيد بقلب الدلتا.. من محطة بشتيل، ينطلق القطار حاملاً بضائع الجنوب، ليلتقي بالموانئ الجافة في السادات و6 أكتوبر، قبل أن ينهي رحلته في ميناء الإسكندرية.

4. طنطا – المنصورة – دمياط
في قلب الدلتا الخضراء، حيث تتسارع الحياة وتُثمر الأرض، يبدأ هذا الممر.. يخدم مزارعنا ومصانعنا، ويُرسل خيراتها إلى ميناء دمياط. إنه قصيدة في حب الأرض، تُكتب بجهد الفلاح وعرق العامل.

5. جرجوب – السلوم
على الساحل الشمالي، يولد هذا الممر، ليربط بين ميناء بحري حديث وميناء بري عظيم.. إنه بوابة مصر نحو ليبيا، وأيقونة للتعاون الاقتصادي الذي سيزيد من حركة التجارة ويعزز الروابط بين الأشقاء.

6. القاهرة – أسوان – أبو سمبل
هذا ليس مجرد طريق، بل هو رحلة في عمق التاريخ. يربط بين العاصمة وقلب الصعيد، مروراً بكنوز مصر الأثرية وأراضيها الزراعية الجديدة.. إنه حبل سُري جديد يغذي الجنوب، ويُحيي تراثه العظيم.

7. سفاجا – قنا – أبو طرطور
يربط هذا الممر الساحل بالداخل، من البحر الأحمر إلى قلب الصعيد، مروراً بأرض الذهب الأسود. إنه يروي حكاية الكفاح في الجبال، ويُترجمها إلى ثروة تعود بالنفع على الجميع.

في نهاية المطاف، هذه الممرات ليست مجرد خطوط نقل، بل هي شهادة على أن مصر لم تعد تنظر إلى قدميها، بل إلى الأفق البعيد، إلى مستقبلٍ تستحقه، مستقبل يليق بعظمة تاريخها وتضحيات أبنائها.. نحن أمام بداية فصل جديد في رواية الوطن الخالد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »