مقالات ودراسات

م .عباس محمود يكتب ..”عندما يعمى القلب”

 

عندما يعمي القلب “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور” – الحج آية 46

فى كثير من المواقف التى صادفتنى فى مسيرة الحياة الطويلة ( ثمانون عاماً ) صادفت الكثير من الأشخاص الذين يبصرون جيداً ولكنهم فاقدى البصيرة أو مصابين بعمى القلوب ومن أمثال هؤلاء نجد أصحاب العقيدة السياسية التى تتجمد عند مواقف عفى عليها الزمن والذين يؤمنون بنظريات شاخت بفعل الزمن ومر عليها عقود كثيرة تغيرت فيها المفاهيم والأفكار وكذلك الذين يتمسكون بأفكار دينية تغيرت ولم يتعارض هذا التغير مع صحيح الدين وأعنى الدين بمفهومه الواسع سواء كان من الديانات الإبراهيمية أو غيرها من العقائد وقد شاهدنا أمثلة كثيرة لهذا التغير وأضرب مثلاً عندما بدأ استخدام مواسير المياه وأفتى بعض رجال الدين بعدم جواز استخدام مياه الصنبور للوضوء متخذين أسباب عديدة منها أن مياه الصنبور تمر بمراحل من التنقية والتعقيم تجعلها – من وجهة نظرهم – لا تصلح لإستخدامها فى الوضوء أو الطهارة إلى أن خرج “الإمام أبى حنيفة النعمان” وأفتى بأن استخدام الصنبور جائز فى الطهارة والوضوء وشاع بعد ذلك استخدام الصنبور بعد أن أطلق عليه العامة لفظ الحنفية نسبة إلى “الأمام أبى حنيفة”.
وفى السياسة أو على الأصح فى النظريات السياسية نجد أن الماركسية التى بدأت فى القرن التاسع عشر تقريباً ظهر لها مطورين ونظريات تأخذ عنها وتضيف أو تحذف طبقاً لمقتضيات الزمن والمكان والظروف الإقتصادية وأصبحنا نجد ماركسيين نسبة إلى “كارل ماركس” وماويين نسبة إلى “ماو تسى يونج” وأتباع “تروتسكى” وعشرات من هؤلاء وكذلك فى الجانب الآخر أتباع الرأسمالية والذين اعتنقوا مبدأ الإقتصاد الحر.
وعندما ننظر حولنا الآن يتبين لنا صدق قول الله تعالى “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور” فنجد الجمود فى تفسير النصوص سواء كانت دينية أو اقتصادية أو سياسية والخروج عن المبادئ الأساسية للنظرية فمثلاً الديانة اليهودية التى جاء بها سيدنا “موسى” عليه السلام تفرعت الآن إلى حوالى عشرة طوائف أبرزهم الطائفة ( اليهودية الأرثوذكسية – طائفة المحافظين – طائفة الإصلاحيين – طائفة المجددين ) وبعدها جاء السيد المسيح بالإنجيل الذى يحمل الكثير من تعاليم السلام والمحبة بين البشر ثم تفرع إلى العديد من الطوائف مثل (الأرثوذكس – الكاثوليك – البروتستانت) والذى تفرع كل منها إلى فصائل أخرى، ولم تنجو العقيدة المحمدية “الإسلام” من هذه الآفة حيث أنقسمت إلى سنة والسنة أنقسمت إلى أكثر من ست طوائف أبرزها “الوهابية” نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب وهى من أشد المذاهب صرامة
و”الحنيفية” نسبة إلى الإمام أبى حنيفة و”الحنبلية” نسبة إلى الإمام بن حنبل وأيضاً طائفة الشيعة وهم أشياع “الإمام على بن أبى طالب” والتى تفرع منها أكثر من عشرة فروع.

وهكذا نرى أنه فى جميع المجالات والعقائد يوجد هذا الاختلاف الذى كان ورائه مصالح شخصية أو سياسية ولو تبحرنا فى هذا المجال فسنحتاج إلى العديد من المقالات التى تدعو إلى أن تكون البصيرة والقلوب هى القائد لكل البشر فى حياتهم وأعمالهم.
وإلى لقــــــــاء …………….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »