المهندس عباس محمود يكتب : قصة إنشاء محطة سكة حديد أسوان الحديثه

ذاكرة النقل
بدأت محطة سكة حديد أسوان تجذب إهتمام المواطنين والمسئولين على مختلف مستواياتهم مع بداية العمل فى مشروع السد العالى حيث كانت المعدات اللازمة للمشروع والعمالة بمختلف أنواعها و تخصصاتها تنتقل عن طريق السكك الحديدية.
و من هنا بدأ التفكير فى تطوير محطة سكة حديد أسوان لتواكب الإقبال المتزايد على إستخدام المحطة من مختلف الجهات التى تأتى للعمل فى المشروع أو الزيارات المتعددة سواء من المسئولين أو من مختلف طبقات الشعب لمتابعة المشروع و كان ذلك يقتضى تطوير المحطة لتواكب التطور فى إستخدامها، و بناء عليه قامت دولة الإتحاد السوفيتى بعمل تصميم جديد للمحطة يسمح بتواجد أعداد كبيرة داخل الصالة التى استحدثت. وكانت واجهة المحطة الجديدة عبارة عن أعمدة بزاوية ميل تسمى كواسر الشمس حيث لا تسمح بدخول أشعة الشمس إلى الصالة وفى نفس الوقت يتم دخول الهواء لترطيب الجو الحار دائما فى منطقة أسوان.
في الوقت كان خط سكة حديد القاهرة / أسوان مزدوجاً حتى مدينة الأقصر، ومن الأقصر إلى أسوان خط منفرد.
و تم وضع خطة لعمل إزدواج الخط والذى يتكلف تكاليف عالية وجرت مفاوضات لتوفير ما يلزم لعمل إزدواج الخط ، و لكن العمل توقف عند نشوب حرب 1967 حيث تم توجيه كافة موارد الدولة للمجهود الحربى و لإزالة آثار العدوان.
و بعد نصر اكتوبر 1973 كان التوجه العام للدولة هو تعويض آثار حرب الاستنزاف ولم يكن إزدواج الخط من الاقصر الي اسوان على قائمة الأولويات حتى عام 1990 حيث وضحت ضرورة الإهتمام بإزدواج الخط لوجود مشروعات كثيرة وكبيرة مثل مناجم أسوان ومشروع توشكى والكثير من المشروعات الكبيرة.
و تم عمل خطة للبدء فى إزدواج الخط حيث تم الإنتهاء فى نهاية عام 1995 من مد الخطوط حتى مدينة أسوان فى بداية سنة 1996.
و هنا ظهرت فكرة تطوير المحطة لتواكب إزدواج الخط وتم تكليف إحدى شركات وزارة النقل بعمل تصور و وضع خطة مبدئية وميزانية تقريبية لتكلفة العمل والذى كان بيشمل تطوير أرصفة المحطة والبنية التحتية “خطوط الحريق والإطفاء” وتطوير صالة كبار الزوار.
وتم إسناد المشروع اي في تنفيذ هذا المشروع ولم يكن هناك أى تصور للتجديد أو أى رسومات توضح التطوير المطلوب سواء من ناحية العمارة أو الأعمال المدنية.
و قمت بعمل تصور مبدئى للمشروع آخذاً فى الاعتبار الموقع التاريخى للمدينة وإظهار الشكل المعمارى المصرى القديم حيث تواصلت مع الدكتورة/ منى زكريا وبعد عدة جلسات عمل تم الوصول إلى الشكل المبدئى الذى يظهر المحطة كمعبد من معابد مصر القديمة، وتم عرض الفكرة على المسئولين الذين أبدوا اعجابهم بالفكرة.
و قامت الدكتورة/ منى زكريا مع أعضاء مكتبها بعمل التصميمات والتى حولت واجهة المحطة إلى شكل المعبد الفرعونى وكذلك الصالة وتغيير لافتات بإسم المحطة كما هو موضح بالصور.
و كان موعد الأفتتاح المقرر أكتوبر 1996 ضمن إحتفالات إنتصارات أكتوبر مما جعل العمل يستمر على مدار 24 ساعة بلا توقف لمدة 6 شهور.
و عند الإفتتاح لم أتمكن من الحضور رغم دعوتى الرسمية حيث ذهبت إلى الإستراحة للإستعداد لحضور الإفتتاح ونمت من الإجهاد و لم أستيقظ إلا فى عصر ذلك اليوم.
و عند مطالبتى بأتعاب التصميم رفضت هيئة السكة الحديد السداد رغم المجهود الذى تم فى تغيير شكل المحطة و البنية التحتية لها و على سبيل المثال كانت أول محطة سكة حديد يتم إستخدم مواسير الحريق من مادة البروبلين بدلاً من المواسير الزهر و لهذا قصة أخرى تستحق أن تروى فى وقت لاحق.